{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ} أضافه إلى من؟ السبيل أضافه إلى الله عز وجل {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} أضافه إلى من؟ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذًا الإضافة هنا مختلفة وكلاهما واحد لكن أضاف الأول إلى المبلغ {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ}، والثاني إلى السالك به، وسبيل الله هو سبيل الرشاد، وهذا مقتبسٌ من قوله تعالى في سورة غافر: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 38]. {سَبِيلَ الرَّشَادِ} الذي هو الحق سبيل الله تعالى، والرَّشَد والرُّشْد خلاف الغير يستعمل استعمال الهداية كما جاء في قوله تعالى: {لعلهم يرشدون}، {قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]. فاعتقاد ما في هذه الرسالة هذا المختصر الذي جمعه لك ابن قدامه رحمه الله تعالى يكون دالاً إلى الطريق التي من سلكها فحينئذٍ هو من الراشدين التي من سلكها هو من الراشدين، وهذا فيه أشبه ما يكون بثمرة هذا المعتقد ((لمعة الاعتقاد)) وهذه موجودة في هذا المختصر ثم الثمرة والنتيجة هادية إلى سبيل الرشاد في الدنيا وفي الآخرة، في الدنيا لأنه يكون موافقًا للحق، وحينئذٍ نصر الله عز وجل فجاء النصر {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7] تنصروا الله بماذا؟ بإقامة شرعه وتحكيم شرعه وأن لا يكون على وجه الأرض إلا حكم الله تعالى، وأما وجود البدع والشركيات ونحو ذلك ثم نطلب نصر الله نقول: هذا لا يتأتى {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}، وأما جزء الاعتقاد الذي هو التسمية الثانية فجزء الشيء ما يتقوم به جملته كأجزاء السفينة وأجزاء البيت، جزء الشيء ما يتقوم به جملته كأجزاء السفينة، جزء الاعتقاد، إذًا وهذا من جهة المعنى أوفق لأن العقيدة هذه لا توجد إلا بأجزاء فوات الجزء يؤدي إلى فوات الكل، هذا كشأن الركن عند الفقهاء وكذلك الشرط، فالركن داخلٌ في الماهية، والشرط خارج عن الماهية، والركن جزء الذات، كذلك هنا المعتقد ما يذكره المصنف رحمه الله تعالى من هذه الأركان الستة وما يتبعها منها يتألف الاعتقاد كما نقول: أن الصلاة تتألف من تكبير، وقراءة فاتحة، وركوع، وسجود ... إلى آخره فوات جزءٍ منها هل توجد الصلاة؟ لا توجد الصلاة، كذلك هنا الاعتقاد هذه المسائل التي ذكرها رحمه الله تعالى يتألف منها الاعتقاد، حينئذٍ الكلام مثلاً في الصفات من حيث إثباتها وإمرارها على ظاهرها هذا جزءٌ داخلٌ في المعتقد إن وجد على وجه الحق حينئذٍ وجد الاعتقاد وإلا كان خللٌ في الاعتقاد، ولذلك يتنقل به إلى الوصف إلى البدعة، لأن ليس ثَمَّ منزلة بين المنزلتين في هذه المسائل، وإنما نقول: إما حق وإما باطل، والمخالفة في الأصل مفضية بصاحبها إلى الوقوع في البدعة ثَمَّ مخالفة قد يأتي التمثيل لها، قد يخالف في فرعٍ ولا يخالف في أصلٍ، وقد يخالف في أصلٍ وفرع، نقول: المخالفة في الأصول هذه مبدعة بصاحبها. يعني: يكون مبتدعًا، وأما المخالفة في الفرع مع التسليم بالأصل فهذا ينظر في كل شخصٍ بحسبه، قد يكون مبتدعًا وقد لا يكون كذلك، والاعتقاد سبق بيانه هذا ما يتعلق باسم الكتاب.