ثانيًا: موضوع الكتاب وهو توحيد الأسماء والصفات، ولا شك أن التوحيد ينقسم عند أهل العلم إما بالتقسيم الثلاثي أو القسمة الثنائي وكلاهما النتيجة واحدة، توحيد الإلوهية، توحيد الربوبية، توحيد الأسماء والصفات، وهذه كلها مترابطة ولكن كتب أهل العلم الذين ألفوا في المعتقد قد لا تجد شيئًا من ما يتعلق بالتوحيد الإلوهية أو الربوبية إلا على جهة الإجمال، يعني: يجملون في توحيد الإلوهية وهذا تجده في مثلاً الذي معنا الكتاب وتجده في ((الواسطية)) وتجده في ((الطحاوية)) وغيرها، تجده يجمل في توحيد الإلوهية وتوحيد الربوبية ويفصل في توحيد الأسماء والصفات، هل لكون توحيد الأسماء والصفات أهم من توحيد الإلوهية؟ الجواب: لا، وإنما كل مصنف يصنف بنظرٍ إلى عصره، يعني: ما شاع فيه الخلاف في عصره هو الذي يعتبر في التأليف، يعني: التأليف والكتابة ليست شهوة عند أهل العلم ليست شهوة أريد أن أُأَلف فقط؟ لا، وإنما يؤلف من أجل أن يفيد غيره من أجل أن يصحح معتقد قد وقع فيه خلط بين العامة ثَمَّ حكمٌ شرعي غاب عن الناس ثَمَّ خلل في المعتقد ثَمَّ خلل في العبادة ... إلى آخره، حينئذٍ يكتب ويؤلف لهذا الغرض، حينئذٍ جُل ما كتب في باب المعتقد قد لوحظ فيه التفصيل في باب الأسماء والصفات، والإجمال في باب توحيد الإلوهية والربوبية ولا يفهم من ذلك أن توحيد الأسماء والصفات أهم من توحيد الإلوهية، بدليل ماذا؟ بدليل أن الرسل ما بعثت إلا من أجل توحيد الإلوهية، وأما توحيد الربوبية فهو في الجملة قد وافق عليه المخالفون، وكذلك توحيد الأسماء والصفات في الجملة قد وافق عليه المخالفون، وإنما وقع النزاع في ماذا؟ في مفهوم لا إله إلا الله، وأما توحيد الأسماء والصفات هذا وقع النزاع فيه عند المتأخرين، إذًا موضوع هذا الكتاب في توحيد الأسماء والصفات، وفي بيان طريقة أهل السنة في أمور الغيب، وبيان طريق أو طريقة أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات والقدر واليوم الآخر، يعني: أركان الإيمان الستة، وما يتعلق به وما يجب اتجاه الصحابة والموقف من أهل البدع وما سيأتي مفصلاً في هذا الكتاب.
سبب تأليف الكتاب: أن عصر المؤلف رحمه الله تعالى هو آخر القرن السادس انتشرت فيه البدع العقدية عمومًا وعقائد الأشاعرة على جهة الخصوص لم يوجد تمكن لبعض الفرق المبتدعة مثل ما وجد للأشاعرة، فألف هذه الرسالة لبيان مخالفتهم لأصول أهل السنة والرد عليهم.