responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن نویسنده : عبد الهادي بن حسن وهبي    جلد : 1  صفحه : 206
لاَ يلزمُ منِ استواءِ الله عَلَى عرشهِ، أنْ يكونَ جسمًا بالمعنى الَّذي اصطلحوا عليهِ، لاَ عقلًا وَلاَ سمعًا إلَّا بالدَّعاوى الكاذبةِ. فدعوى هَذَا اللُّزومِ عينُ البهتِ والكذبِ الصُّراحِ؛ بل العرشُ خلقٌ مِنْ خلقهِ، ولا يلزمُ مِنْ كونِهِ فوقَ السَّمواتِ كلِّها أنْ يكونَ مركَّبًا مِنَ الجواهرِ الفردةِ ولا مِنَ المادَّةِ والصُّورةِ ولا مماثلًا لغيرهِ مِنَ الأجْسامِ، وكذلكَ جبريلُ مخلوقٌ مِنْ مخلوقاتهِ وهوَ ذو قوَّةٍ وحياةٍ وسمعٍ وبصرٍ وأجنحةٍ ويصعدُ وينزلُ ويُرى بالأبصارِ، ولا يلزمُ مِنْ وصفهِ بذلكَ أنْ يكونَ مركَّبًا مِنَ الجواهرِ الفردةِ، ولا مِنَ المادَّةِ والصُّورةِ، ولا أنْ يكونَ جسمهُ مماثلًا لأجْسامِ الشياطينِ، فدعونَا منْ هَذَا الفشرِ [1] والهذيانِ، والدَّعاوى الكاذبةِ. والتَّفاوتُ الذي بينَ اللهِ وخلقهِ أعْظمُ مِنَ التَّفاوتِ الذي بينَ جسمِ العرشِ وجسمِ الثرى والهواءِ والماءِ، وأعْظمُ مِنَ التفاوتِ الذي بينَ أجْسامِ الملائكةِ وأجْسامِ الشياطينِ، والعاقلُ إذا أطلقَ على جسمٍ صفةً مِنْ صفاتِهِ - وعندهُ منْ كلِّ وجهٍ موصوفٌ بتلكَ الصِّفةِ - لمْ يلزمْ منْ ذلكَ تماثلهَا؛ فإذا أطْلقَ على الرجيعِ، الذي قدْ بلغَ غايةَ الخبثِ، أنَّهُ جسمٌ قائمٌ بنفسهِ ذو رائحةٍ ولونٍ، وأطلقَ ذلكَ على المسكِ، لمْ يقلْ ذو حسٍ سليمٍ ولا عقلٍ مستقيمٍ، إنَّهما متماثلانِ، وأينَ التَّفاوتُ الذي بينهمَا مِنَ التَّفاوتِ الذي بين اللهِ وخلقهِ، فكمْ تلبِّسونَ وكمْ تدلِّسونَ وتموِّهونَ؟!

[1] الفشر: فشر فشرًا كذب وبالغ فِي الكذب والادِّعاء.
نام کتاب : الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن نویسنده : عبد الهادي بن حسن وهبي    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست