نام کتاب : الإيمان بالقدر نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 223
فقال: "وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ" (يوسف، آية: 67) أي: لا يكون ما أمرتكم به مغنياً غناءً مبتدئاً من عند الله، بل هو الأدب والوقوف عندما أمر الله، فإن صادق ما قدّره فقد حصل فائدتان، وإن خالف ما قدّره حصلت فائدة امتثال أوامره واقتناع النفس بعدم التفريط [1].
وقد أراد يعقوب عليه السلام بهذا أن يعلّم أبناءه الاعتماد على توفيق الله ولطفه مع الأخذ بالأسباب المعتادة الظاهرة، تأدباً مع واضح الأسباب ومقدّر الألطاف في رعاية الحالين لأنا لا نستطيع أن نطلع على مراد الله في الأعمال، فعلينا أن نتعرفها بعلاماتها، ولا يكون ذلك إلا بالسعي لها، وهذا سر مسألة القدر كما أشار إليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: أعملوا فكل ميسر لما خلق له [2].
وبهذا يثبت أن الأسباب لابد لها من سياج قوي من التوكل، تدور في فلكه ولا تخرج عن حقيقته، ليكون ذلك أدعى لتحقيق المراد، وأجدر لامتثال أمر الله، وذلك لأن الأسباب العادية لما لم تكن غير مستقلة في تأثيرها ولا غنية في ذاتها مفتقرة إلى ما وراءها ـ كان من الواجب على من يتوسل إليها في مقاصده الحيوية أن يتوكل مع التوسل إليها على سبب وراءها، ليتم لها التأثير، ويكون ذلك منه جريّا في سبيل الرشد والصواب ويكون ذلك بالتوكل على الله سبحانه في الأمور كلها، فإن الله لا إله إلا هو، رب كل شيء، وهذا هو الله سبحانه وحده لا شريك له، فإن الله لا إله إلا هو رب كل شيء، وهذا هو المستفاد من الحصر الذي يدل عليه قوله تعالى:"وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ" (إبراهيم، آية: 12). [1] تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (13/ 12). [2] فتح الباري (8/ 709)، مسلم (4/ 2040).
نام کتاب : الإيمان بالقدر نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 223