نام کتاب : الإيمان بالقدر نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 224
لقد مدح الله تعالى هنا يعقوب عليه السلام فقال تعالى:"وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ" (يوسف، آية: 68)، لأنه عمل الأسباب واجتهد في توفيتها وهو مقتضى الحكمة، ثم رد الأمر كله لله تعالى واستسلم إليه وهو حقيقة التوحيد فقال:"وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ" (يوسف، آية: 67)، فالآية: فأثنى الله تعالى عليه من أجل جمعه بين هاتين الحالتين العظيمتين [1].
ج ـ قصة مريم عليها السلام: وهي ـ كما وردت في القرآن الكريم ـ تبين لنا بوضوح بالغ أنه لا إختلاف ولا تباين بين مقامي الأخذ بالأسباب والتوكل، إذ كلُّ له ملابساته وظروفه التي ترجع مقاماً على آخر في بعض الأوقات والأحوال.
كانت مريم في بداية حياتها يأتيها رزقها من غير تكسب كما قال تعالى:"كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ" (آل عمران، آية: 37)، فلما ولدت أُمرت بهزّ الجذع، قال علماؤنا: لما كان قلبها فارغاً فرغ الله جارحتها عن النّصَب، فلما ولدت عيسى عليه السلام وتعلق قلبها بحبه، واشتغل سرها بحديثه وأمره، وكلها إلى كسبها وردّها إلى العادة بالتعلق بالأسباب في عباده [2]. [1] تفسير الثعالبي (2/ 247)، السنن الإلهية صـ 217 د. مجدي محمد عاشور. [2] تفسير القرطبي (11/ 95 ـ 96)، السنن الإلهية د. مجدي صـ 217.
نام کتاب : الإيمان بالقدر نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 224