نام کتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 133
{وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} أي: كل ثنية وموضع يمرون عليه، ورابطوا في جهادهم وابذلوا غاية مجهودكم في ذلك، ولا تزالوا على هذا الأمر حتى يتوبوا من شركهم.
ولهذا قال: {فَإِنْ تَابُوا} من شركهم {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} أي: أدوها بحقوقها {وَآتُوا الزَّكَاةَ} لمستحقيها {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} أي: اتركوهم، وليكونوا مثلكم، لهم ما لكم، وعليهم ما عليكم.
{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يغفر الشرك فما دونه، للتائبين، ويرحمهم بتوفيقهم للتوبة، ثم قبولها منهم. وفي هذه الآية، دليل على أن من امتنع من أداء الصلاة أو الزكاة، فإنه يقاتل حتى يؤديهما، كما استدل بذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه. (1)
وقوله تعالى: «بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ».هو إعلان بقطع العلائق التي كانت تصل المؤمنين بالمشركين، من عهود ومواثيق .. وذلك لما أحدث المشركون من عبث بهذه العهود، واستخفاف بها، إذ أنهم كانوا لا يمسكون بها إلا إذا وجدوا فى ذلك مصلحة محققة لهم، فإذا أمكنتهم الفرصة فى المسلمين أنكروا هذه العهود، وألقوا بها كما تلقى نفايات الطعام بعد الشبع! وإذا كان أحد الطرفين المتعاقدين لا يوقّر ما تعاقد عليه، ولا ينزله من نفسه منزلة الاحترام والرعاية، ولا يستقيم عليه إلا إذا لم يكن له من ذلك مصلحة خاصة- كان ذلك العقد غبنا فاحشا على الطرف الآخر، الملتزم له، الحريص على الوفاء به، حيث تمكنه الفرصة فى عدوّه فلا يهتبلها، على حين لو أمكنت الفرصة خصمه لم يلتزم العقد الذي بينهما ..
فكان نقض هذه العهود القائمة بين المسلمين والمشركين وضعا للأمر فى موضعه الصحيح، إذ هو إقرار لحقيقة واقعة، ونقض لعهود منقوضة من قبل أن يجفّ المداد الذي كتبت، ولا ينتظر المشركون لنقضها إلا الوقت المناسب، والفرصة السانحة ..
وقد تولّى الله سبحانه وتعالى عن المسلمين نقض هذه العهود، وجعل سبحانه وتعالى ذلك إليه وإلى رسوله الكريم: «بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» وذلك
(1) - تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 328)
نام کتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 133