نام کتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 134
ليدفع عن المسلمين الحرج الذي ربما وجدوه فى صدورهم لو أمروا بنقض هذه العهود .. وفى هذه ما فيه من لطف الله وإحسانه إلى المسلمين، ورعايته لهم، وبرّه بهم.
والبراءة من الشيء، والتبرؤ منه، هو مجافاته، وقطع الصلة به، والله سبحانه وتعالى، إنما يبرأ من المشركين، لأنهم برئوا منه .. ومعنى براءته سبحانه وتعالى منهم، طردهم من رحمته، وتركهم للأهواء والضلالات المتسلطة عليهم .. أما براءة رسول الله منهم، فهى قطع العلاقة التي كانت قائمة بينه وبينهم، بحكم العهود التي كانت معقودة بين النبىّ وبين المشركين .. فإذ قد براء الله منهم، وطردهم من مواقع رحمته، فقد وجب على النبىّ أن يقطع كل صلة بهم .. إذ كانوا حربا على الله، وعلى دين الله، وعلى رسول الله، وعلى المؤمنين.
قوله تعالى: «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ» هو إطلاق من الله سبحانه وتعالى للمشركين من تلك العهود التي عقدوها مع المؤمنين، وإرسال لهم فى وجوه الأرض مدة أربعة أشهر، يتنقلون فيها حيث يشاءون، دون أن يعترضهم المسلمون، أو يلقوهم بأذى، إلا إذا بدءوهم ببغى أو عدوان .. وهذا هو السرّ فى قوله تعالى: «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ».:إذ لا تكون السياحة فى الأرض إلا حيث الأمن ..
والمشركون فى هذه المدة التي أعطيت لهم، آمنون من كل عدوان.
وفى هذه الأشهر الأربعة فسحة للمشركين، يعدّون فيها أنفسهم للوضع الذي يتخيرونه، بعد انقضاء هذه المدة، فإما أن يدخلوا فى الإسلام، وإما أن يدخلوا مع المسلمين فى حرب وقتال .. وهى مدة كافية كلّ الكفاية لكى يقلّب فيها المشركون وجوه النظر، وليتخيّروا لأنفسهم أعدل المواقف التي ينتهى إليها تفكيرهم وتقديرهم ..
وهذا وجه من وجوه الإسلام السمحة، وآية من آياته المشرقة فى العدل والإحسان، حتى فى مواقف المواجهة للعدو .. وفى ميدان الخصومة معه! وما كان لشريعة الله أن تكون على غير هذا الوجه الذي يقيم موازين العدل بين عباد الله جميعا .. مؤمنهم وكافرهم على السواء .. فالمشركون خلال هذه الأشهر الأربعة، فى عافية من أمرهم، وفى حراسة من كل قهر أدبى أو مادّىّ، يحملهم على الوجه الذي يأخذونه من الإسلام والمسلمين ..
نام کتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 134