responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 510
فَكَلِمَاتُهُ الْكَوْنِيَّةُ هِيَ الَّتِي اسْتَعَاذَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ». قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [1]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [2]. وَالْكَوْنُ كُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَسَائِرِ الْخَوَارِقِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: الْكَلِمَاتُ الدِّينِيَّةُ، وَهِيَ الْقُرْآنُ وَشَرْعُ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ، وَهِيَ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَخَبَرُهُ، وَحَظُّ الْعَبْدِ مِنْهَا الْعِلْمُ بِهَا، وَالْعَمَلُ، وَالْأَمْرُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، كَمَا أَنَّ حَظَّ الْعِبَادِ عُمُومًا وَخُصُوصًا الْعِلْمُ بِالْكَوْنِيَّاتِ وَالتَّأْثِيرُ فِيهَا، أَيْ بِمُوجَبِهَا. فَالْأُولَى تَدْبِيرِيَّةٌ كَوْنِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ شَرْعِيَّةٌ دِينِيَّةٌ. فَكَشْفُ الْأُولَى الْعِلْمُ بِالْحَوَادِثِ الْكَوْنِيَّةِ، وَكَشْفُ الثَّانِيَةِ الْعِلْمُ بِالْمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقُدْرَةُ الْأُولَى التَّأْثِيرُ فِي الْكَوْنِيَّاتِ، إِمَّا فِي نَفْسِهِ كَمَشْيِهِ عَلَى الْمَاءِ، وَطَيَرَانِهِ فِي الْهَوَاءِ، وَجُلُوسِهِ فِي النَّارِ، وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ، بِإِصْحَاحٍ وَإِهْلَاكٍ، وَإِغْنَاءٍ وَإِفْقَارٍ.
وَقُدْرَةُ الثَّانِيَةِ التَّأْثِيرُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ، إِمَّا فِي نَفْسِهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ فَيُطَاعُ فِي ذَلِكَ طَاعَةً شَرْعِيَّةً.
فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ الْخَوَارِقِ عِلْمًا وَقُدْرَةً لَا تَضُرُّ الْمُسْلِمَ فِي دِينِهِ، فَمَنْ لَمْ يَنْكَشِفْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ، وَلَمْ يُسَخَّرْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْكَوْنِيَّاتِ -: لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ فِي مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ عَدَمُ ذَلِكَ أَنْفَعَ لَهُ، فَإِنَّهُ إِنِ اقْتَرَنَ بِهِ الدِّينُ وَإِلَّا هَلَكَ صَاحِبُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّ الْخَارِقَ قَدْ يَكُونُ مَعَ الدِّينِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَ عَدَمِهِ، أَوْ فَسَادِهِ، أَوْ نَقْصِهِ.
فَالْخَوَارِقُ النَّافِعَةُ تَابِعَةٌ لِلدِّينِ، خَادِمَةٌ لَهُ، كَمَا أَنَّ الرِّيَاسَةَ النَّافِعَةَ هِيَ

[1] يس: 82
[2] الْأَنْعَامِ: 115
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 510
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست