ومن احتقارهم الجنة ما رووه عن مطرف بن عبد الله بن الشخير أنه كان يقول:
" لو أتاني آت من ربي عز وجل فقال: أنت مخيّر بين الجنة والنار أو تصير تراباً لاخترت أن أصير تراباً " [2].
وذكروا عن سليمان الداراني أنه قال:
" إن لله عباداً ليس يشغلهم عن الله خوف النار ولا رجاء الجنة " [3].
ومما يدّل على إظهار الرغبة عن الجنة وعدم الاهتمام بنعيمها أن الشعراني روى عن سيده أبي الفضل الأحمدي أنه كان يقول:
" أرباب الأحوال تشتاق إليهم الجنة وهم لا يشتاقونها " [4].
أفليس ترجيح كون التراب على دخول الجنة , وإظهار الرغبة عن نعيمها , عيشها وترفها , والزهد في حورها وقصورها وأنهارها وأثمارها , أليس كفرا بنعمة الله وجحوداً بها , وقد قال عز من قائل:
و {أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [7].
فهذه هي الجنة والنار , والثواب والعقاب , والرجاء والخوف عند الصوفية , وهذا هو ازدراؤهم واستحقارهم بها وبذكرها وبنعيمها خلافاً لسيرة المصطفين الأخيار وأحوال أصحاب خاتم النبيين الأبرار , ومنافيا لنصوص القرآن الصريحة , وأحاديث [1] مجموع نصوص غير منشورة عن أبي يزيد ص 31 نقلا عن " شطحات الصوفية " للدكتور عبد الرحمن بدوي ط الكويت. [2] طبقات الشعراني ج 1 ص 33. [3] كفاية الأتقياء ومنهاج الأصفياء للدمياطي ص 107 ط. [4] الطبقات الكبرى لعبد الوهاب الشعراني ج2 ص 180. [5] سورة البقرة الآية 211. [6] سورة النحل الآية 83. [7] سورة العنكبوت الآية 67.
نام کتاب : دراسات في التصوف نویسنده : إحسان إلهي ظهير جلد : 1 صفحه : 86