آمنوا، وإنكار الآخر قراءة قوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} (الإسراء: 23).، قال: إنما هي: ووصى ربك.
وبعضهم كان حذف المعوذتين، وآخر يكتب سورة القنوت، وهذا خطأ معلوم بالإجماع والنقل المتواتر، ومع هذا فلما لم يكن قد تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا، وإن كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر .. ". (1)
ويقول وهو يذكر صوراً أخرى من الاختلاف في مسائل العقيدة خالف فيها بعضهم مذهب الحق ولم يكفرهم أهل السنة، لأن "الخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوعي المسائل الخبرية والعلمية .. كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه، مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته، أو اعتقد أن الله لا يرى لقوله: {لا تدركه الأبصار} (الأنعام: 103)، ولقوله: {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه الله إلاّ وحياً أو من وراء حجابٍ} (الشورى: 51). نقل عن بعض التابعين أن الله لا يرى، وفسروا قوله {وجوه يومئذٍ نّاضرة - إلى ربّها ناظرة} (القيامة: 22 - 23). بأنها تنتظر ثواب ربها كما نقل عن مجاهد وأبي صالح ...
وكما أنكر طائفة من السلف والخلف أن الله يريد المعاصي لاعتقادهم أن معناه أن الله يحب ذلك ويرضاه ويأمر به .. وكالذي قال لأهله: ((إذا أنا مِتّ فأحرقوني، ثم ذروني في اليم، فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين)). وكثير من الناس لا يعلم ذلك، إما لأنه لم تبلغه الأحاديث، وإما لأنه ظن أنه كذب وغلط". (2)
ونقل رحمه الله عن العلماء من السلف أنهم كانوا "لا يؤثمون مجتهداً مخطئاً، لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية، كما ذكر عنهم ابن حزم وغيره، ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء
(1) مجموع الفتاوى (12/ 492 - 493).
(2) المصدر السابق (20/ 33 - 36).