أولئك هم الظّالمون} (النور: 47 - 50).
وأما المؤمنون فإن حالهم مختلف {إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} (النور:51).
يقول شيخ الإسلام: "ذم [الله عز وجل] المدعين الإيمان بالكتب كلها، وهم يتركون التحاكم إلى الكتاب والسنة، ويتحاكمون إلى بعض الطواغيت المعظمة من دون الله، كما يصيب ذلك كثيراً ممن يدعي الإسلام وينتحله في تحاكمهم إلى مقالات الصابئة الفلاسفة أو غيرهم، أو إلى سياسة بعض الملوك الخارجين عن شريعة الإسلام من ملوك الترك وغيرهم ". (1)
قال ابن كثير: "فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا [قانون التتار] وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كَفَر بإجماع المسلمين". (2)
وإذا كان الحكم بشريعة الله من مقتضيات الإيمان ومن أَولى حقوق الرحمن، فإن من نازع الله هذا الحق، فقد جعل نفسه شريكاً لله في ربوبيته وألوهيته على خلقه {أم لهم شركاء شرعوا لهم مّن الدّين ما لم يأذن به الله} (الشورى: 21).
فقد عرّف محمد رشيد رضا الشرك ببعض مظاهره وصوره، فقال: "إسناد الخلق والتدبير إلى غير الله تعالى معه، أو أن تؤخذ أحكام الدين في عبادة الله تعالى والتحليل والتحريم عن غيره، أي غير كتابه ووحيه الذي بلغه عنه رسله". (3)
والذي يشرع يجعل من نفسه إلهاً مع الله، وهذا كافر باتفاق المسلمين، يقول ابن تيمية: " والإنسان متى حلّل الحرام المجمع عليه، أو حرّم الحلال المجمع عليه، أو بدّل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء". (4)
(1) مجموع الفتاوى (12/ 339 - 340).
(2) البداية والنهاية (13/ 119).
(3) تفسير المنار (2/ 55)، وهذا التعريف وإن كان يبين بعض صور الشرك، فإنه لا يشمل صوراً أخرى تتعلق بعبادة غير الله مع الله أو دونه.
(4) مجموع الفتاوى (3/ 267).