فطعنتُه، فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أقال: لا إله إلا الله وقتلتَه؟! قال: قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح. قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟)) فما زال يكررها علي، حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ. (1)
قال النووي: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟)) الفاعل في قوله: ((أقالها)) هو القلب، ومعناه: أنك إنما كُلفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان، وقال: ((أفلا شققت عن قلبه)) لتنظر، هل قالها القلب واعتقدها وكانت فيه، أم لم تكن فيه؟ بل جرت على اللسان فحسب، يعني: وأنت لست بقادر على هذا، فاقتصر على اللسان فحسب، يعني: ولا تطلب غيره". (2)
وقال: " وفيه دليل على القاعدة المعروفة في الفقه والأصول: أن الأحكام فيها بالظاهر، والله يتولى السرائر". (3)
وعليه فإن أهل السنة والجماعة يقبلون دعوى الناس الإسلام عملاً بالظاهر، ويدعون الحكم على السرائر إلى عالم السر وأخفى، فلا يقال بتكفير مسلم بزعم فساد سريرته وخبث طويته، بل يقبل منه ما ادعى، ونوله ما تولى، والله يتولى حسابه في الآخرة.
(1) رواه مسلم ح (96).
(2) شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 104).
(3) المصدر السابق (2/ 107).