التفريق بين مسائل العقيدة ومسائل الأحكام في مسألة التكفير وموانعه
لكن ما ذكرنا من الأعذار التي تصرف الكفر عن صاحب العمل المكفر يصطدم بأمر نراه كثيراً يتردد على ألسنة بعض طلاب العلم، وهو أن الإعذار والرحمة والتأني في التبديع والتكفير للمخالف إنما هو في أبواب الفقه لا العقيدة، فالخلاف في أبواب الفقه يقبل الاجتهاد والاعتذار، بينما مسائل الاعتقاد لا يسوغ فيها خلاف، ولا يصح فيه إعذار.
وقالوا: إذا عذرنا المسلم في قضايا الاعتقاد، فما بالنا لا نعذر الكافر بمثل عذره، وهذا يؤدي إلى عذر كل أحد.
والحق أن اختلاف المسلمين في مسائل الاعتقاد كالخلاف في مسائل الفقه سواء بسواء، منه ما يسوغ، وهو ما يتعلق بفروع المسائل التي لم يرد دليل قطعي الدلالة على وجه من وجوهها.
ومنه ما لا يسوغ، وهو ما يتعلق بالمسائل الأصولية التي دلت عليها الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة. فالخلاف في بعض المسائل الفرعية - من أي نوع كانت - لا يجيز الحكم بهلكة الآخرين وبطلان أعمالهم.
والتفريق بين مسائل الاعتقاد والفقه تفريق اصطلاحي، لا أثر له في أحكام الشريعة، وأهل البدع هم الذين فرقوا في الأحكام بين النوعين.
يقول شيخ الإسلام: "قالوا: والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم، وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره.
قالوا: والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام، لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلاً، فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل