(فالجواب) : أن هذا يكون مرتكبا معصية، ومتعربا بعد هجرته، وهو داخل في حكم الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم عن علي -رضي الله- عنه لما عد الكبائر قال: التعرب بعد الهجرة، وفراق الجماعة - يعني جماعة المسلمين -، ونكث الصفقة - يعني نكث بيعة الإمام-؛ فجعل التعرب بعد الهجرة من الكبائر، ولكن لا يكون خروجه وتعربه كفرا ولا ردة، بل هو مسلم عاص يوالى ويحب على ما معه من الإيمان، ويبغض على ما معه من المعصية؛ ولا يعامل بالتعنيف، لأنه بتعربه بعد هجرته لا يدخل في حكم المرتدين، ولا يعامل بما يعامل به المرتد.
باع بيته وخرج إلى البادية ويصدر منه مسبة للدين
(وأما المسألة الثالثة) : وهي ما حكم الذي باع بيته بعد ما نزله، ثم خرج إلى البادية، ومع ذلك يصدر منه مسبة للدين، وأهل الدين، ويفعل أشياء من المكفرات، وقد قامت عليه الحجة ما حكمه؟
(الجواب) : إن هذا إذا كان بهذه الصفة، فهو مرتد قد خرج من الإسلام، ولا ينفعه ما فعله أولا، لأن إقامته عند إخوانه وسماع النصائح والمواعظ وسماع القرآن من أعظم قيام الحجة عليه، لأنه عرف وأنكر. وقد كان سابقا من جملة المسلمين، وإنما رغب عن السكنى، وفعل ما فعل من المسبة وغيرها لخبث في قلبه؛ فهذا يعادى ولا يوالى، ويبغض ولا يحب، وهجره من الواجبات الشرعية إلا إن حصل منه توبة صادقة، فالتوبة تهدم ما قبلها ولا يحال بينه وبين التوبة، والتوبة معروضة، وبابها مفتوح لمن وفقه الله وهداه.
الهجرة وأنواعها
(المسألة الرابعة) : ما يقال في الهجرة من بين ظهراني المشركين من البادية والحاضرة وفضلها؟ وما الواجب منها؟ وما المستحب؟ وهل بين بادية نجد وغيرهم كعنزة والظفير ومن والاهم من بادية الشمال