المطلب الثالث
علمها بالسُّنَّة النَّبوِيَّة
"قَامتْ أُمُّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها بدور كبير في رواية السنة النبوية وفي توثيقها، وتعتبر رائدة في هذا المجال؛ لقربها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقد كانت الزوجة الشديدة اللصوق به، تسمع منه مالا يسمعه غيره، وترى من أحواله ما لا يراه غيرها، وتفهم عنه، وتسأله عما يغمض عليها، فوعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ألف حديث شريف، روتها عنه بكل دقة وضبط وإتقان؛ ولذلك جاءت روايتها للسنة النبوية المطهرة متميزة؛ لإتيانها على السماع والقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونشأتها وترعرعها في بيت النبوة، وتحت توجيهه صلى الله عليه وسلم [1].
فعن محمود بن لبيد قال: «كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَحْفَظْنَ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا وَلا مِثْلاً لعَائِشَة وَأُمِّ سَلَمَةَ» [2].
فقد بلغت مرويات عَائِشَة رضي الله عنها عن رسول صلى الله عليه وسلم (2210) حديثًا منها (174) حديثًا متفق عليها عند الشيخين، وانفرد البخاري بـ (54) حديثًا ومسلم بـ (69) حديثًا، والباقي في الصحاح والسنن والمعاجم، والمسانيد، وقد عَدَّها ابن حزم في المرتبة الرابعة من بين الصحابة المكثرين للرواية ([3]) " [4]. [1] ينظر: السيدة عَائِشَة وتوثيقها للسنة. ص (3 - 4) بتصرف. [2] سبق تخريجه ص (35). [3] جوامع السيرة ص (319). [4] مرويات أُمّ المؤمنين عَائِشَة في التفسير ص (9،10).