اللّه ودينه ولا الصف المسلم المستمسك بدينه .. ثم إنها طبيعة البشر: «وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ» فهم يخرجون وينحرفون. لأنهم هكذا ولا حيلة لك في هذا الأمر، ولا ذنب للشريعة! ولا سبيل لاستقامتهم على الطريق! وبذلك يغلق كل منافذ الشيطان ومداخله إلى النفس المؤمنة ويأخذ الطريق على كل حجة وكل ذريعة لترك شيء من أحكام هذه الشريعة لغرض من الأغراض في ظرف من الظروف ..
ثم يقفهم على مفرق الطريق .. فإنه إما حكم اللّه، وإما حكم الجاهلية. ولا وسط بين الطرفين ولا بديل، فحكم اللّه يقوم في الأرض، وشريعة اللّه تنفذ في حياة الناس، ومنهج اللّه يقود حياة البشر .. أو أنه حكم الجاهلية، وشريعة الهوى، ومنهج العبودية .. فأيهما يريدون؟ [1].
ولا يكونُ العبدُ مؤمناً حتى يتبعَها ويسلِّمَ لحكمها تسليماً تامًّا، قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء.
إن الناس لا يؤمنون - ابتداء - إلا أن يتحاكموا إلى منهج اللّه ممثلا - في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أحكام الرسول. وباقيا بعده في مصدريه القرآن والسنة بالبداهة ولا يكفي أن يتحاكموا إليه - ليحسبوا مؤمنين - بل لا بد من أن يتلقوا حكمه مسلمين راضين: «فَلا وَرَبِّكَ .. لا يُؤْمِنُونَ .. حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» .. فهذا هو شرط الإيمان وحد الإسلام.
ويقول لها: إن الذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت - أي إلى غير شريعة اللّه - لا يقبل منهم زعمهم أنهم آمنوا بما أنزل إلى الرسول وما أنزل من قبله. فهو زعم كاذب. يكذبه أنّهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ، يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ - وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ - وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً». [1] - في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 1287]