ويقول لها: إن علامة النفاق أن يصدوا عن التحاكم إلى ما أنزل اللّه والتحاكم إلى رسول اللّه: «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ: تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ، رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً».
ويقول لها: إن منهجها الإيماني ونظامها الأساسي، أن تطيع اللّه - عز وجل - في هذا القرآن - وأن تطيع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في سنته - وأولي الأمر من المؤمنين الداخلين في شرط الإيمان وحد الإسلام معكم: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ. وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» ..
ويقول لها: إن المرجع، فيما تختلف فيه وجهات النظر في المسائل الطارئة المتجددة، والأقضية التي لم ترد فيها أحكام نصية .. إن المرجع هو اللّه ورسوله .. أي شريعة اللّه وسنة رسوله: «فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شيء، فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» ..
وبهذا يبقى المنهج الرباني مهيمنا على ما يطرأ على الحياة من مشكلات وأقضية كذلك، أبد الدهر، في حياة الأمة المسلمة .. وتمثل هذه القاعدة نظامها الأساسي، الذي لا تكون مؤمنة إلا به، ولا تكون مسلمة إلا بتحقيقه .. إذ هو يجعل الطاعة بشروطها تلك، ورد المسائل التي تجد وتختلف فيها وجهات النظر إلى اللّه ورسوله .. شرط الإيمان وحد الإسلام .. شرطا واضحا ونصا صريحا: «إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» [1] ..
ومرة أخرى نجدنا أمام شرط الإيمان وحدّ الإسلام. يقرره اللّه سبحانه بنفسه. ويقسم عليه بذاته. فلا يبقى بعد ذلك قول لقائل في تحديد شرط الإيمان وحدّ الإسلام، ولا تأويل لمؤول.
اللهم إلا مماحكة لا تستحق الاحترام .. وهي أن هذا القول مرهون بزمان، وموقوف على طائفة من الناس! وهذا قول من لا يدرك من الإسلام شيئا ولا يفقه من التعبير القرآني قليلا ولا كثيرا. فهذه حقيقة كلية من حقائق الإسلام جاءت في صورة قسم مؤكد مطلقة من كل قيد .. وليس هناك مجال للوهم أو الإيهام بأن تحكيم رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - هو تحكيم شخصه. إنما هو تحكيم شريعته ومنهجه. وإلا لم يبق لشريعة اللّه وسنة [1] - في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 1026]