سابعاً: ومن ثمراتِ الإيمان ولوازمه حبُّ الله لهم:
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) [مريم:96] أي بسبب إيمانهم وأعمالِ الإيمان، يحبُّهم اللهُ ويجعلُ لهم المحبةَ في قلوب المؤمنينَ. ومَنْ أحبَّه اللهُ وأحبَّه المؤمنونَ من عبادهِ حصلتْ له السعادةُ والفلاحُ والفوائدُ الكثيرةُ من محبَّةِ المؤمنين من الثناءِ والدعاءِ له حياً وميتاً، والاقتداءِ به وحصولِ الإمامةِ في الدِّينِ.
وللتعبير بالود في هذا الجو نداوة رخية تمس القلوب، وروح رضى يلمس النفوس. وهو ود يشيع في الملأ الأعلى، ثم يفيض على الأرض والناس فيمتلىء به الكون كله ويفيض.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ إِنِّي أُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، قَالَ: فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُبْغِضُ فُلاَنًا فَأَبْغِضْهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلاَنًا فَأَبْغِضُوهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الأَرْضِ. [1] ..
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبَّهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِى أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى أَهْلِ الأَرْضِ» (أخرجه البخاري) [2].
وعجبا لقوم يمرون على هذا كله، ليقولوا: إن التصور الإسلامي تصور جاف عنيف، يصور العلاقة بين اللّه والإنسان علاقة قهر وقسر، وعذاب وعقاب، وجفوة وانقطاع ... لا كالتصور الذي يجعل المسيح ابن اللّه وأقنوم الإله، فيربط بين اللّه والناس، في هذا الازدواج! إن نصاعة التصور الإسلامي في الفصل بين حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية، لا تجفف ذلك الندى الحبيب، بين اللّه والعبيد، فهي علاقة الرحمة كما أنها علاقة العدل، وهي علاقة الود كما أنها علاقة التجريد، وهي علاقة الحب كما أنها [1] - مسند أحمد (عالم الكتب) [3/ 486] (9352) 9341 صحيح- وانظر في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 3011] [2] - برقم (6040)