الباب الثاني
أهمية العقيدة في حياة الإنسان
1 - لابد لكل بناءٍ ماديا كان أو معنويا من أساسٍ يقوم عليه. والدين الإسلاميُّ بناءٌ متكامل يشمل جميع حياة المسلم منذ ولادته وحتى مماته, ثم ما يصير إليه بعد موته. وهذا البناءُ الضخم يقوم على أساس متين هو العقيدة الإسلامية التي تتخذ من وحدانية الخالق منطلقا لها, كماقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (162) سورة الأنعام.
فالإسلامُ يعنَى بالعقيدة ويوليها أكبر عناية, سواء من حيث ثبوتها بالنصوص ووضوحها, أو من حيث ترتيب آثارها في نفوس معتقديها. لذا نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكث ثلاثة عشر سنة بمكة المكرمة ينزل عليه القرآن، وكان في غالبه ينصبُّ على البناء العقدي, حتى إذا ما تمكنت العقيدة في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم نزلت التشريعاتُ الأخرى بعد الهجرة إلى المدينة.
2 - إن العقيدة- أيا كانت هذه العقيدة- تعدُّ ضرورة من ضروريات الإنسان التي لا غنى له عنها, ذلك أن الإنسان بحسب فطرته، يميل إلى اللجوء إلى قوة عليا يعتقد فيها القوة الخارقة, والسيطرةَ الكاملة عليه وعلى المخلوقات من حوله. وهذا الاعتقادُ يحقق له الميل الفطري للتدين, ويشبع نزعته تلك، فإذا كان الأمر كذلك فإنَّ أولى ما يحقق ذلك هو الاعتقادُ الصحيح الذي يوافق تلك الفطرة, ويحترم عقل الإنسان ومكانته في الكون، وهذا ما جاءت به العقيدة الإسلامية. قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (82) سورة الأنعام.3 - لما كان الدين الإسلامي بناء متكاملاً اعتقادا وعبادة وسلوكا، لزم أن يكون هذا البناء متناسقا ومنسجما، لذا نجد أن العنصر الأساسي فيه هو العقيدةُ الإسلاميةُ التي يقوم عليها، وهي عقيدة التوحيد الخالص لله تعالى، مما يكسبها مركزا مهما لفهم الدين الإسلامي فهماً صحيحاً. فالعقائد الإسلامية والعبادات والمعاملات والسلوك كلُّها تتجهُ