فثبتهم وشجعهم، قال أنس: خطبنا أبو بكر رضي الله عنه وكنا كالثعالب، فما زال يشجعنا حتى صرنا كالأسود. وأخذ في تجهيز جيش أسامة مع إشارتهم عليه [1] . وأخذ في قتال المرتدين مع إشارتهم عليه بالتمهل والتربص، وأخذ يقاتل حتى مانعي الزكاة [2][2] حتى كان عمر مع قوته وشجاعته يقول له: يا خليفة رسول الله تألف الناس. فيقول: علام أتألفهم، أعلى دين مفترى، أم علي شعر مفتعل؟
قلت: ومن شجاعته مدافعته عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما خنقة عقبة بن أبي معيط كما تقدم. وسبقت الإشارة إلى موقفه حين خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهاجرين ونام الرسول تحت الصخرة ونهض أبو بكر يحرسه. اهـ
وقد روى أنه لما قيل له: لقد نزل بك ما لو نزل بالجبال لهاظها وبالبحار لغاظها وما نراك ضعفت. فقال: ما دخل قلبي رعب بعد ليلة الغار؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى حزني قال: لا عليك يا أبا بكر؛ فإن الله قد تكفل لهذا الأمر بالتمام [3] .
فكان له رضي الله عنه مع الشجاعة الطبيعية شجاعة دينية، وقوة يقينية في الله عز وجل، وثقة بأن الله ينصره والمؤمنين. وهذه الشجاعة لا تحصل إلا لمن كان قوي القلب، لكن هذه تزيد بزيادة الإيمان واليقين، وتنقص بنقص ذلك فمن تيقن أنه يغلب عدوه كان إقدامه [1] ويأتي ذكر ذلك في آخر الكتاب -إن شاء الله تعالى-. [2] عن عائشة رضي الله عنها قال: «لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، اشرأب النفاق، وارتدت العرب، وانحازت الأنصار، فلو نزل بالجبال الراسيات، ما نزل بأبي لهاظها» الحديث، أخرجه الترمذي عن عائشة (رقم 1023) وعن أبي بكر قال: ما دخلني إشفاق من شيء، ولا دخلني في الدين وحشة إلى أحد بعد ليلة الغار؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأى إشفاقي عليه وعلى الدين قال لي: «هون عليك، فإن الله عز وجل قد قضي لهذا الأمر بالنصر والتمام» [3] ابن عساكر) كنز العمال جـ12/486) .