responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 131
أولاً: محاولة قريش لإبعاد أبي طالب عن مناصرة وحماية رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا، فقال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم، فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء فقال: «ترون هذه الشمس؟» قالوا: نعم، قال: «فما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشعلوا منها بشعلة» وفي رواية: «والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بعثت به من أن يشعل أحد من هذه الشمس شعلة من نار» فقال أبو طالب: «والله ما كذب ابن أخي قط، فارجعوا راشدين» [1]، وحاولت قريش مرات عديدة الضغط على رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة عائلته ولكنها فشلت.
ذاع أمر حماية أبي طالب لابن أخيه, وتصميمه على مناصرته وعدم خذلانه، فاشتد ذلك على قريش غمًّا وحسدًا ومكرًا, فمشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له: «يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد, أنهد فتى في قريش, وأجملهم، فلك عقله [2] ونصره، واتخذه ولدًا فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك، ودين آبائك، وفرق جماعة قومك وسفه أحلامنا، فنقتله فإنما هو رجل برجل» قال: «والله لبئس ما تسومونني أتعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني فتقتلونه، هذا والله ما لا يكون أبدا» [3].
وإن المرء ليسمع عجبًا، ويقف مذهولاً أمام مروءة أبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ربط أبو طالب مصيره بمصير ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم، بل واستفاد من كونه زعيم بني هاشم أن ضم بني هاشم وبني المطلب إليه في حلف واحد على الحياة والموت، تأييدًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم, مسلمهم ومشركهم على السواء, [4] وأجار ابن أخيه محمدا إجارة مفتوحة لا تقبل التردد أو الإحجام، كانت هذه الأعراف الجاهلية والتقاليد العربية تسخر من قبل النبي صلى الله عليه وسلم لخدمة الإسلام، وقد قام أبو طالب حين رأى قريشًا تصنع ما تصنع في بني هاشم وبني المطلب، فدعاهم إلى ما هو عليه، من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم والقيام دونه، فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوه إلى ما دعاهم إليه، إلا ما كان من أبي لهب عدو الله اللعين.
فلما رأى أبو طالب من قومه ما سره من جهدهم معهم، وحدبهم عليه، جعل يمدحهم، ويذكر قديمهم، ويذكر فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، ومكانه منهم ليشد لهم رأيهم، وليحدبوا معه على أمره فقال:
إذا اجتمعت يومًا قريش لمفخر ... فعبد مناف سرها وصميمُها
وإن حُصلت أشراف عبد منافها ... ففي هاشم أشرافُها وقديمها
وإن فَخَرَت يومًا فإن محمدا ... هو المصطفى من سر وكريمُها

[1] صحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي، ص78.
[2] فلك عقله: أي ديته إذا قتل.
[3] البداية والنهاية (3/ 48).
[4] انظر: فقه السيرة النبوية، ص184.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست