responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 506
أيام يتحدى المشركين, فلم يتشجعوا على لقائه ونزاله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بإشعال النيران فكانوا يشعلون في وقت واحد خمسمائة نار [1].
وأقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، فأمره أن يلحق بأبي سفيان، فيخذله، فلحقه بالروحاء ولم يعلم بإسلامه، فقال: ما وراءك يا معبد؟ فقال: محمد وأصحابه، فقد تحرقوا عليكم، وخرجوا في جمع لم يخرجوا في مثله، وقد ندم من كان تخلف عنهم من أصحابهم، فقال: ما تقول؟ فقال: ما أرى أن ترتحل حتى يطلع أول الجيش من وراء هذه الأكمة [2]. فقال أبو سفيان: والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم، قال معبد: فإني أنهاك عن ذلك، والله لقد حملني ما رأيت أن قلت فيه أبياتًا من شعر:
قال: وما قلت؟ قال: قلت:
كادت تهد من الأصوات راحلتي ... إذ سالت الأرض بالجرد [3] الأبابيل
تردي [4] بأسد كرام لا تنابلة [5] ... عند اللقاء ولا ميل [6] معازيل (7)
فظلت عدوًا أظن الأرض مائلة ... لما سمو برئيس غير مخذول
فقلت: ويل ابن حرب من لقائكم ... إذا تغطمطت البطحاء بالجبل (8)
إني نذير لأهل البسل ضاحية ... لكل ذي أُربة منهم ومعقول
من جيش أحمد لا وخش [9] قنابله ... وليس يوصف ما أنذرت بالقيل (10)
فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه، وحاول أبو سفيان أن يغطي انسحابه هذا بشن حرب نفسية على المسلمين، لعله يرهبهم فأرسل مع ركب عبد القيس -وكانوا يريدون المدينة للميرة- رسالة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفادها، أن أبا سفيان وجيشه قد أجمعوا على السير إليه وإلى أصحابه ليستأصلهم من الوجود، وواعد أبو سفيان الركب أن يعطيهم زبيبًا عندما يأتوه في سوق عكاظ، ومر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال هو والمسلمون: حسبنا الله ونعم الوكيل [11]. واستمر المسلمون في معسكرهم، وآثرت قريش السلامة والأوبة، فرجعوا إلى مكة، وبعد ذلك عاد المسلمون إلى المدينة بروح قوية متوثبة، غسلت عار الهزيمة، ومسحت مغبة الفشل، فدخلوها أعزة رفيعي الجانب، عبثوا بانتصار المشركين، وهزوا

[1] انظر: غزوة أحد لأبي فارس، ص144 نقلا عن الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 43).
[2] انظر: زاد المعاد (3/ 245).
[3] الجرد: جمع أجرد وهو الضرسي قصير الشعر، والأبابيل: الفرق الكثيرة.
[4] تردى: تسرع.
[5] تنابلة: جمع تنبال وهو القصير.
[6] الميل: جمع أميل وهو الجبان.
(7) معازيل: جمع معزال وهو من لا رمح له.
(8) تغطمطت: اضطربت وثارت.
[9] وخش: ردئ.
(10) انظر: البداية والنهاية (4/ 51)
[11] تاريخ الإسلام للذهبي، المغازي، ص226.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست