نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 507
أعصابهم، وأحبطوا شماتة المنافقين واليهود في المدينة، وأشار القرآن الكريم إلى هذه الحرب الباردة، وسجل ظواهرها (1)
بقوله تعالى: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ - الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ - فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ - إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 172 - 175] ووقع في أسر النبي صلى الله عليه وسلم قبل رجوعه إلى المدينة أبو عزة الجمحي الشاعر فقتل صبرًا؛ لأنه أخلف وعده للرسول صلى الله عليه وسلم بأن لا يقاتل ضده عندما منَّ عليه ببدر وأطلقه, فعاد فقاتل في أحد، وقد حاول أبو عزة أن يتخلص من القتل، وقال: يا رسول الله أقلني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا والله، لا تمسح عارضيك [2] بمكة بعدها، وتقول: خدعت محمدًا مرتين، اضرب عنقه يا زبير» [3] فضرب عنقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» [4] فصار هذا الحديث مثلا ولم يسمع قبل ذلك.
وبعد هذا العمل من قبيل السياسة الشرعية؛ لأن هذا الشاعر من المفسدين في الأرض، الداعين إلى الفتنة، ولأن في المن عليه تمكينًا له من أن يعود حربًا على المسلمين.
ولم يؤسر من المشركين سوى أبي عزة الجمحي [5].
وأما عدد القتلى من المسلمين في أحد فقد انجلت المعركة عن سبعين شهيدًا من المسلمين، ويؤيد هذا تفسير قوله تعالى: (أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أنها نزلت تسلية للمؤمنين عمن أصيب منهم يوم أحد، قال ابن عطية رحمه الله: وكان المشركون قد قتلوا منهم سبعين نفرًا، وكان المسلمون قد قتلوا من المشركين ببدر سبعين وأسروا سبعين [6] , أما عدد الذين قتلوا يوم أحد من المشركين فاثنان وعشرون قتيلا [7]. كان خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم لملاحقة المشركين في غزوة حمراء الأسد يهدف لتحقيق مجموعة من المقاصد المهمة منها:
1 - ألا يكون آخر ما تنطوي عليه نفوس الذين خرجوا يوم أحد هو الشعور بالهزيمة.
(1) انظر: صور وعبر من الجهاد النبوي في المدينة، ص142 .. [2] عارضيك: هما جانبا الوجه، لسان العرب (2/ 742). [3] انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 116). [4] البخاري، كتاب الأدب، باب لا يلدغ المرء (7/ 134) رقم 6133. [5] انظر: البداية والنهاية (4/ 53). [6] المحرر الوجيز لابن عطية (3/ 411). [7] مرويات غزوة أحد للباكري، ص367، 369.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 507