احتقاراً له، و [لكن هذا العبد المحتقر من الناس] لو حلف على وقوع شيء؛ أوقعه الله إكراماً له بإجابة سؤاله، وصيانتِه من الحنث في يمينه، وهذا لعِظَم منزلته عند الله تعالى، وإن كان حقيراً عند الناس" [1].
وقد فقه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الهدي النبوي، وأقاموه منهجاً في حياتهم، فقدموا في سائر أمورهم من تقدمهم بالعمل الصالح، ولو كان فقيراً أو عبداً أو مولى، ومن ذلك أنه: (لما قدم المهاجرون الأولون العُصبَة [موضعٌ بقباء] قبل مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كان يؤمهم سالمُ مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآناً) [2]، فلم يمنعه تأخر نسبه عن تقدم أشراف العرب وإمامتهم في أعظم فرائض الإسلام.
وبعد هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدّم النبيُّ سالماً على سائر الصحابة بما معه من القرآن، فكان يؤم المهاجرين الأولين في مسجد قباء، وفيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة [3]. [1] شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 175). [2] أخرجه البخاري ح (7563). [3] انظره في صحيح البخاري ح (7175).