بقوله: «اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة» [1] لقد أراد - صلى الله عليه وسلم - "إظهارَ تواضعه، وافتقارَه إلى ربه، إرشاداً لأمته إلى استشعار التواضع، والاحترازِ عن الكبر والنخوة، وأراد بذلك التنبيه على علو درجات المساكين وقربِهم من الله تعالى" [2].
إن بعض هؤلاء الذين نزدريهم لفقرهم ومسكنتهم أفضلُ من كثيرين ممن نحتفي بهم ونصدِّرهم في المجالس ونسارع إلى تزويج بناتنا لهم: «رُبّ أشعثَ مدفوعٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره» [3]، وفي رواية: «ألا أخبركم بشر عباد الله؟ الفظُّ المستكبر، ألا أخبركم بخير عباد الله؟ الضعيفُ المستضعَف ذو الطمرين، لو أقسم على الله لأبر الله قسمه» [4].
قال النووي: "قوله: «الأشعث» الملبدُ الشعر، المغبرُ غير مدهونٍ ولا مرَجَّل، وقوله: «مدفوعٍ بالأبواب» أي لا قدْر له عند الناس، فهم يدفعونه عن أبوابهم، ويطردونه عنهم [1] أخرجه الترمذي ح (2352). [2] تحفة الأحوذي (7/ 16). [3] أخرجه مسلم ح (2622). [4] أخرجه أحمد ح (22947).