وروى ابن المنذر [1]، وابن أبي شيبة [2] وأبو عبيد (مسند عمر) عن عمر [3] بإسناد حسن، أنه كره للجنب أن يقرأ شيئًا من القرآن، ولفظ ابن أبي شيبة «لا يقرأ الجنب» وروي المنع عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وأخرجه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي عنه.
قال ابن رجب في شرح البخاري: [4] ومنع الأكثرون الحائض والجنب من القراءة بكل حال، قليلًا كان أو كثيرًا، وهذا مروي عن أكثر الصحابة، روي عن عمر - رضي الله عنه -، وروي عنه أنه قال: لو أن جنبًا قرأ القرآن لضربته. وعن علي - رضي الله عنه - قال: لا يقرأ ولا حرفًا. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وسليمان - رضي الله عنه -، وابن عمر - رضي الله عنه -. وقال: وهو قول أكثر التابعين، ومذهب الثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق - في إحدى الروايتين عنهما -، وأبي ثور وغيرهم. وهو قول مالك في الجنب؛ إلا أنه رخص له في قراءة آيتين وثلاث عند المنام للتعوذ، ورخص الأوزاعي له في تلاوة آيات الدعاء والتعوذ، تعوذًا لا قراءة، وهذا أصح الوجهين للشافعية - أيضًا، وقال سعيد بن عبد العزيز: رخص للحائض والجنب في قراءة آيتين عندَ الركوب والنزول: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون: 29] وعن مالك في الحائض روايتان إحداهما: هي كالجنب، والثانية: أنها تقرأ، وهو قول محمد بن مسلمة؛ لأن مدة الحيض تطول، فيخشى عليها النسيان، وهي غير قادرة على الغسل، بخلاف الجنب، وحكى أبو ثور ذلك عن الشافعي، وأنكره أصحاب الشافعي عنه، وعكس ذلك [1] الأوسط (2/ 96). [2] ابن أبي شيبة (1/ 97). [3] انظر: البيهقي (1/ 19). [4] شرح البخاري لابن رجب (1/ 428).