آخرون، منهم: عطاء، قال: الحائض أشد شأنًا من الجنب، الحائض لا تقرأ شيئا من القرآن، والجنب يقرأ الآية، خرجه ابن جرير بإسناده عنه.
ووجه هذا: أن حدث الحيض أشد من حدث الجنابة؛ فإنه يمنع ما يمنع منه حدث الجنابة وزيادة، وهي الوطء والصوم، وما قيل من خشية النسيان فإنه يندفع بتذكر القرآن بالقلب، وهو غير ممنوع به.
وفي نهي الحائض والجنب عن القراءة أحاديث مرفوعة؛ إلا أن أسانيدها غير قوية؛ كذا قال الإمام أحمد في قراءة الحائض، وكأنه يشير إلى أن الرواية في الجنب أقوى، وهو كذلك، وأقوى ما في الجنب: حديث عبد الله بن سلمة، عن علي - رضي الله عنه -، قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه - أو يحجزه - عن القرآن شيء، ليس الجنابة». [1] خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وخرجه الترمذي بمعناه، وقال: حسن صحيح، وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في (صحيحيهما) والحاكم، وقال صحيح الإسناد.
وتكلم فيه الشافعي وغيره؛ فإن عبد الله بن سلمة هذا رواه بعدما كبر، قال شعبة عنه: كان يحدثنا، فكنا نعرف وننكر، وقال البخاري: لا يتابع في حديثه، ووثقه العجلي ويعقوب بن شيبة، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.
والاعتماد في المنع على ما روي عن الصحابة، ويعضده: قول [1] أخرجه أحمد (رقم: 627) أبو داود (رقم: 229)، والترمذي (رقم: 146) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (رقم 265) وابن ماجه (594) والمستدرك (رقم: 7083) وابن خزيمة (رقم: 208) وأبو يعلى (رقم: 406) وابن حبان (رقم: 800)، والدارقطني (رقم: 10)، قال الحافظ في الفتح 1/ 408: وصححه الترمذي وابن حبان، وضعف بعضهم رواته.