فإذا لم يكن قائمًا بعبوديته، فالأعضاء أولى أن لا يعتد بعبوديتها، وإذا فسدت عبوديته بالغفلة والوسواس فأنى تصح عبودية رعيته وجنده ومادتهم منه، وعن أمره يصدرون، وبه يأتمرون؟.
قالوا: وفي الترمذي وغيره [1]، مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يستجيب الدعاء من قلب غافل» وهذا إما خاص بدعاء العبادة، وإما عام له ولدعاء المسألة، وإما خاص بدعاء المسألة الذي هو أبعد، فهو تنبيه على أنه لا يقبل دعاء العبادة الذي هو خاص حقه من قلب غافل.
قالوا: ولأن عبودية من غلبت عليه الغفلة والسهو في الغالب لا تكون مصاحبة للإخلاص، فإن الإخلاص قصد المعبود وحده بالتعبد. والغافل لا قصد له، فلا عبودية له.
قالوا: وقد قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5]. وليس السهو عنها تركها، وإلا لم يكونوا مصلين، وإنما هو السهو عن واجبها إما عن الوقت كما قال ابن مسعود وغيره، وإما عن الحضور والخشوع، والصواب أنه يعم النوعين، فإنه سبحانه أثبت لهم صلاة، ووصفهم بالسهو عنها فهو السهو عن وقتها الواجب، أو عن إخلاصها وحضورها الواجب، ولذلك وصفهم بالرياء، ولو كان السهو سهو ترك لما كان هناك رياء.
قالوا: ولو قدرنا أنه السهو عن واجب فقط، فهو تنبيه على [1] أخرجه الترمذي (رقم: 3479) وقال: حديث غريب. والحاكم (رقم: 1817) وقال: مستقيم الإسناد. وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن فيه صالح المري متروك. وأخرجه أيضًا: ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (4/ 75)، والطبراني في الأوسط (رقم: 5109) وابن عدي (4/ 60، ترجمة 912 صالح بن بشير أبو بشر المري) وقال: قال البخاري: منكر الحديث، والرافعي (3/ 329).