التوعد بالويل على سهو الإخلاص والحضور بطريق الأولى لوجوه:
أحدها: أن الوقت يسقط في حال العذر، وينتقل إلى بدله، والإخلاص والحضور لا يسقط بحال، ولا بدل له.
الثاني: أن واجب الوقت يسقط لتكميل مصلحة الحضور، فيجوز الجمع بين الصلاتين للشغل المانع من فعل إحداهما في وقتها بلا قلب ولا حضور، كالمسافر، والمريض، وذي الشغل الذي يحتاج معه إلى الجمع، كما نص عليه أحمد وغيره.
فبالجملة: مصلحة الإخلاص والحضور، وجمعية القلب على الله في الصلاة أرجح في نظر الشارع من مصلحة سائر واجباتها، فكيف يظن به أنه يبطلها بترك تكبيرة واحدة، أو اعتدال في ركن، أو ترك حرف، أو شدة من القرآن، أو ترك تسبيحة أو قول سمع الله لمن حمده أو قول ربنا ولك الحمد أو ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة عليه، ثم يصححها مع فوت لُبها، ومقصودها الأعظم، وروحها وسرها.
فهذا ما احتجت به هذه الطائفة، وهي حجج كما تراها قوة وظهورًا.
قال أصحاب القول الآخر: قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح [1] أنه قال: «إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان، وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي التأذين أقبل، فإذا ثوب بالصلاة أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء وبين نفسه، فيذكره ما لم يكن يذكر، ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل [1] البخاري (رقم: 1222) ومسلم (رقم: 389).