وقال مجاهد: ما جلس قوم مجلسًا، فتفرقوا قبل أن يذكروا الله، إلا تفرقوا عن أنتن من ريح الجيفة، وكان مجلسهم يشهد عليهم بغفلتهم، وما جلس قوم مجلسًا، فذكروا الله قبل أن يتفرقوا، إلا أن يتفرقوا عن أطيب من ريح المسك، وكان مجلسهم يشهد لهم بذكرهم.
وقال بعض السلف: يعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره، فكل ساعة لم يذكر الله فيها تتقطع نفسه عليها حسرات.
وخرجه الطبراني: [1] من حديث عائشة مرفوعًا: «ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها بخير، إلا حسر عندها يوم القيامة». الخ كلامه.
وقال في سبل السلام [2] ما نصه: والحديث دليل على وجوب الذكر والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجلس سيما مع تفسير الترة بالنار أو العذاب فقد فسرت بهما فإن التعذيب لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محظور، وظاهره أن الواجب هو الذكر والصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - معًا. ا. هـ.
وقال في فتح الباري: [3] وقد أشرت إليه مستشكلًا في أوائل الجهاد مع ما ورد في فضل المجاهد، أنه كالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر، وغير ذلك مما يدل على أفضليته على غيره من الأعمال الصالحة، وطريق الجمع والله أعلم أن المراد بذكر الله في حديث أبي الدرداء الذكر الكامل، وهو ما يجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالتفكر في المعنى، واستحضار عظمة الله تعالى، وأن الذي يحصل له ذلك يكون أفضل ممن يقاتل الكفار مثلًا من غير استحضار لذلك وأن [1] المعجم الأوسط (رقم: 8316). [2] سبل السلام 2/ 701. [3] فتح الباري 11/ 210.