أفضلية الجهاد إنما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد، فمن اتفق له أنه جمع ذلك كمن يذكر الله بلسانه وقلبه واستحضاره، وكل ذلك حال صلاته أو في صيامه أو تصدقه أو قتاله الكفار مثلًا، فهو الذي بلغ الغاية القصوى والعلم عند الله تعالى، وأجاب القاضي أبو بكر بن العربي بأنه ما من عمل صالح إلا والذكر مشترط في تصحيحه، فمن لم يذكر الله بقلبه عند صدقته أو صيامه مثلًا، فليس عمله كاملًا، فصار الذكر أفضل الأعمال من هذه الحيثية ا. هـ.
وقال في دليل الفالحين [1] ما نصه: «فإن شاء عذبهم» جزاء قصروا في ذلك بتركها «وإن شاء غفر لهم» ذلك النقص، وهذا يقتضي وجوب وجود الذكر والصلاة على النبي في المجلس؛ لأنه ر تّب العذاب على تر، ذلك وهو آية الوجوب، ولم أر من ذكر عنه القول بوجوب ذلك في كل مجلس والحديث يقتضيه والله أعلم.
قال في المرعاة [2] ما نصه: قال الطيبي: أي ما يقومون قيامًا، إلا هذا القيام، وضمن قاموا معي تجاوزوًا وبعدوا فعدي بعن يعني لا يوجد عنهم قيام عن مجلسهم؛ إلا كقيام المتفرقين عن أكل الجيفة التي هي غاية في القذر والنتن، والجيفة جثة الميت المنتنة. قال ابن الملك: وتخصيص جيفة الحمار بالذكر؛ لأنه أدون الجيف من بين الحيوانات التي تخالطنا، وفي هذا التشبيه غاية التنفير عن ترك ذكر الله تعالى في المجالس، وإنه مما ينبغي لكل أحد أن لا يجلس في مجلس الغفلة ولا يلابس أهله. وإن يفر عنه كما يفر عن جيفة الحمار، فإن كل عاقل يفر عنها ولا يقعد عندها «وكان» أي ذلك المجلس «عليهم حسرة» أي [1] دليل الفالحين 5/ 312. [2] المرعاة 7/ 406.