الأرض وفي هذا الكون من أجلهم، وأودع فيهم القدرة على معرفة مصادره، وأقدرهم على الاستكثار منه، ومكنهم من الانتفاع به.
والله كذلك ذو فضل على الناس بدينه الذي أنزله هدى ورحمة للناس، ليهدي الناس إلى منهج الحياة السليم القويم: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60)} [يونس: 60].
فإذا لم يشكروا الله على هذا الرزق، وذلك الرزق، فإنهم يشقون في الدنيا بالهم والتعب، ويشقون في الآخرة بنار الجحيم والسعير.
إن شكر النعمة دليل على استقامة النفس البشرية، فالخير يُشكر، لأن الشكر هو جزاؤه الطبيعي في الفطرة المستقيمة.
والنفس التي تشكر الله على نعمته تراقبه في التصرف بهذه النعمة بلا بطر وبلا استعلاء على الخلق، وبلا استخدام للنعمة في الأذى والشر والفساد.
وهذا كله مما يزكي النفس ويدفعها للعمل الصالح والتصرف الصالح في النعمة بما ينميها، ويبارك فيها كما قال سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)} [إبراهيم: 7].
والكفر بنعم الله له صور:
فقد يكون بعدم شكرها .. أو بإنكار أن الله واهبها .. أو نسبتها إلى العلم والخبرة .. أو الكد الشخصي والسعي .. كأن هذ الطاقات ليست نعمة من نعم الله .. وقد يكون بسوء استخدامها بالبطر والكبر على الناس .. وقد يكون باستغلالها للشهوات والفساد .. وكل ذلك كفر بنعمة الله.
والعذاب الشديد الذي يصيب من كفر بالنعمة له صور:
فقد يتضمن حق النعمة عيناً بذهابها .. أو سحق آثارها في الشعور .. فكم من نعمة شقي بها صاحبها وحسد الخالين .. وقد يكون عذاباً مؤجلاً إلى أجله في الدنيا .. أو مؤجلاً في الآخرة .. فهو وإن تأخر فهو واقع .. لأن الكفر بنعمة الله لا يمضي بلا جزاء.