الفقراء منه.
وقد تكفل بأرزاق الخلائق كلها كما قال سبحانه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)} [هود: 6].
وليس المقصود هنا أن هناك رزقاً فردياً مقدراً لا يأتي بالسعي ولا يتأخر بالقعود، ولا يضيع بالسلبية والكسل.
وإلا فأين الأخذ بالأسباب التي أمر الله بالأخذ بها؟.
إن لكل مخلوق رزقاً علم الله كميته ونوعيته، وحدد زمانه ومكانه، وهذا الرزق مذخور في هذا الكون، مقدر من الله في سننه التي ترتب الإنتاج على الجهد، فلا يقعدن أحد عن السعي وابتغاء فضل الله، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة.
ولكن السماء والأرض تزخران بالأرزاق الكافية لجميع المخلوقات، حين تطلبها هذه المخلوقات حسب سنة الله التي لا تحابي أحداً، ولا تتخلف أو تحيد.
إنما هو كسب طيب .. وكسب خبث .. وكلاهما يحصل من عمل وجهد.
فالأول له ثواب .. والثاني عليه عقاب.
إن الإسلام نعمة الله الكبرى على البشرية فهل من يأخذها، ويشكر المنعم بها، ويتقرب إلى الله بها، ويمشي بها في الناس؟.
والإنسان مغمور بنعم الله السابغة الوافرة التي لا يدرك مداها، ولا يحيط بقدرها ولا يحصي أنماطها، فهل ذكرته بربه؟، وهل جعلها عوناً له على طاعته؟، وهل دفعته إلى إخلاص العبادة للمنعم الشاكر؟.
{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)} [النساء: 147].
واستمرار النعم تترى على العباد مع معاصيهم دليل على أن المنعم غفور رحيم، ومن رحمته أنه لا يعطي النعمة للشاكرين وحدهم، أو للمؤمنين