الأول: إما أن يكون الخبر كذباً عليهم، أو يكون ذلك العقل فاسداً يرى الحق باطلاً، والباطل حقاً، كما قال سبحانه: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)} [سبأ: 6].
الثاني: أن يُفهم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مراده، من غير غلو ولا تقصير، فلا يحمل كلامه ما لا يحتمله، ولا يقصربه عن مراده مما قصده من الهدى والبيان.
وقد حصل بسبب إهمال ذلك كل بدعة وضلالة ومعصية، مع حسن القصد أو سوء القصد، وما ذاك إلا بسبب سوء الفهم عن الله ورسوله.
والله سبحانه خلق هذا الكون العظيم، وخلق البشر، وشرع لعباده الدين الحق.
وجعل الدور ثلاثاً:
دار الدنيا .. ودار البرزخ .. ودار الآخرة.
وجعل سبحانه لكل دار أحكاماً تخصها، وتناسب أحوالها، وركب هذا الإنسان من بدن وروح.
وجعل أحكام الدنيا على الأبدان، والأرواح تبعاً لها، ولهذا جعل أحكام الشريعة مرتبة على ما يظهر من حركات اللسان والجوارح، وإن أضمرت النفوس خلافه.
وجعل أحكام البرزخ على الأرواح، والأبدان تبعاً لها، فالأبدان في الدنيا ظاهرة، والأرواح خفية، والأبدان كالقبور لها.
والأرواح هناك في القبور ظاهرة، والأبدان خفية في قبورها، تجري أحكام البرزخ على الأرواح، فتسري إلى أبدانها نعيماً أو عذاباً، كما تجري أحكام الدنيا على الأبدان، وتسري إلى الأرواح عذاباً أو نعيماً.
وذلك واقع في الدنيا بالنوم، فإن ما يجري على الإنسان في نومه من عذاب أو نعيم، يجري على روحه أصلاً، والبدن تابع له، وقد يقوى حتى يؤثر في البدن، فيرى في نومه أنه قد ضرب، فيقوم وأثر الضرب في جسمه.
وذلك أن الحكم لما جرى على الروح، استعانت بالبدن من خارجه، ولو