فلا تجاوز ولا قصور .. ولا زيادة عن حد الإحسان ولا نقص .. ولا إفراط ولا تفريط .. في حجم أو شكل أو وظيفة.
كل شيء مقدر بحكمة، كل شيء من الذرة الصغيرة إلى أكبر الأجرام، كلها يتجلى فيها الإحسان والإتقان.
وكذلك الأعمال والأعمار، والأطوار والحركات كلها من خلق الله، مقدرة تقديراً دقيقاً في موعدها وفي عملها وفي مآلها.
وكل مخلوق أوجده الله ليؤدي دوره المقدر له في هذا الوجود، قد أعده الله لهذا الدور، وزوده بما يؤهله لأداء هذا الدور.
هذه الخلية الواحدة المجهزة بشتى الوظائف .. هذا النبات الصاعد .. هذه الحيوانات التي تجول في هذا الكون، وهذه الأسماك التي تسبح في بحاره .. وهذا الطائر الذي يسبح في الفضاء .. وهذه الزواحف التي تدب على وجه الأرض .. وهذا الإنسان المختلف الألوان والأجناس واللغات .. وهذه الكواكب الثابتة والسيارة .. وهذه الشمس الملتهبة .. وهذا القمر الساري .. وهذه الأفلاك والعوالم، وكل شيء تبصره أو لا تبصره .. متقن الصنع .. بديع التكوين .. يتجلى فيه الإحسان والإتقان.
هذا: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)} [النمل: 88].
فسبحان: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)} [الأعلى: 2، 3].
وسبحان: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9)} [السجدة: 7 - 9].
إن العين المفتوحة والقلب البصير يرى الحسن والإحسان في هذا الوجود بتجمعه، ويراه في كل أجزائه وأفراده.
والنظر والتأمل في مخلوقات الله حيثما اتجه النظر أو القلب أو الذهن يمنح الإنسان رصيداً ضخماً من ذخائر الحسن والجمال المبثوث في هذا الكون،