ولكي يمشي المسلم على أوامر الله ويؤديها على ما يحب الله، أرسل الله رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - قدوة للناس كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].
وإذا كان يقين المسلم على ربه قوياً فلن يقف له شيء، لأن الله معه، وإذا كان الله معه فمن ذا يقف له؟ .. ومن ذا يستهين به؟.
وإذا نزعنا من قلوبنا اليقين على المخلوقات سلب الله قوتها وسخرها لنا، فماذا قال أصحاب موسى، وماذا قال موسى .. ؟، حين رأوا البحر وفرعون وقومه: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} [الشعراء: 61، 62].
فلما سلب موسى اليقين على الماء والعدو وتوكل على الله وحده، جاءته نصرة الله فوراً، فانفلق له البحر، فأنجى الله موسى ومن آمن معه، وأهلك عدوه بهذا البحر في آن واحد، أمر بالنجاة، وأمر بالهلاك كما قال سبحانه: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)} [الشعراء: 63 - 68].
ومن كان يقينه على غير الله سلطه الله عليه وأذله به وخذله من جهته كما أذل الله قوم نوح مع كثرتهم، وعاداً مع قوتهم، وفرعون مع ملكه، وقارون مع ماله.
والمؤمن في يقينه على ربه كالطير، فما دام الطير في الأرض، يرى كل شيء كبيراً، ويخاف من أي شيء، فإذا حلق في السماء، رأى كل شيء صغيراً، ولا يخاف من أحد لأنه ترقى في علو السماء.
فكذلك المسلم ما دام متأثراً بالمخلوق فهو دائماً في خوف، فإذا تعلق بالله وتوكل عليه وحده سقط من عينه المخلوق مهما كان، ومهما كانت قوته.
فالمؤمن إذا جاء عنده اليقين، وعرف حقيقة الإيمان رأى الدنيا ومن فيها صغيراً حقيراً فانياً، واستغنى بربه عما سواه، الذي هو خالق كل شيء، وهو على كل