فيما يأمر به طاعةً لله.
وليس هناك طريق لطاعة الله غير طاعة رسوله.
والرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس مكلفاً أن يحدث الهدى للمعرضين المتولين، ولا أن يحفظهم من الإعراض والتولي بعد البلاغ والبيان: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: 48].
والأنبياء والرسل هم مصابيح الدجى، وينابيع الهدى في هذه الأرض، فهدى الله للبشر جاء بواسطتهم، وما أرسل الله الرسل إلا ليطاعوا، وما أنزل الله الكتب إلا ليحكم بها بين الناس بالعدل.
وما قدر الله حق قدره، ولا عرف حكمته ورحمته، وعدله وإحسانه وكرمه وفضله من أنكر بعثة الأنبياء وإرسالهم إلى الناس، فما أسفه هؤلاء وأجهلهم بربهم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)} [الأنعام: 91].
وكل هذا جهل بقدر الله سبحانه، فالله العظيم الكريم، العدل الرحيم، العليم الحكيم، لا يدع هذا الإنسان وحده وهو الذي خلقه، ويعلم سره وجهره، وطاقاته وقواه، وحاجته إلى منهج يعتمد عليه، ومبادئ يرجع إليها في أفكاره وأقواله وأفعاله.
ويعلم سبحانه أن العقل الذي أعطاه، لا يستقل بمعرفة ما ينفعه وما يضره، ويتعرض لضغوط كثيرة من رغباته وشهواته، فضلاً على أنه موكل بالاستفادة من طاقات الأرض التي سخرها الله له.
وليس العقل موكلاً بصياغة نظام للحياة، فهذا مجال الدين والشريعة التي تأتي من الله بواسطة رسله فيؤمن بها ويتبع ما جاءت به.
ومن ثم لا يكل الله الإنسان إلى هذا العقل وحده، ولا يكله كذلك إلى ما أودع في فطرته من معرفة ربه، وشوقه إليه، ولجوئه إليه في الشدائد.