الفاسقين.
ولو شاء لوجد ذلك كله، فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
فإذا علم العبد أن القضاء غير المقضي، وأنه سبحانه لم يأمر عباده بالرضى بكل ما خلقه وشاءه، زالت الشبهات، ولم يبق بين شرع الرب وقدره تناقض.
فالرضا بالقضاء الديني الشرعي واجب، وهو أساس الإسلام، وقاعدة الإيمان كما قال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65].
والرضا بالقضاء الكوني القدري الموافق لمحبة العبد وإرادته ورضاه من الصحة والعافية، والغنى واللذة أمر لازم بمقتضى الطبيعة، لأنه ملائم للعبد، موافق له، محبوب له.
فليس في الرضى به عبودية، بل العبودية في مقابلته بالشكر، والاعتراف بالمنّة، ووضع النعمة مواضعها التي يحب الله أن توضع فيها، وأن لا يعصى المنعم بها، وأن يرى التقصير في جميع ذلك.
والرضا بالقضاء الكوني القدري الجاري على خلاف مراد العبد ومحبته مما لا يلائمه، ولا يدخل تحت اختياره، مستحب.
وهذا كالمرض والفقر، والحر والبرد، وأذى الخلق له، ونحون ذلك من المصائب.
والرضا بالقدر الجاري عليه باختياره مما يكرهه الله ويسخطه، وينهى عنه كأنواع الظلم والفسوق والعصيان محرم يعاقب عليه، وهو مخالفة لله عزَّ وجلَّ، فإن الله لا يرضى بذلك ولا يحبه.
فإن قيل: كيف يريد الله أمراً لا يحبه ولا يرضاه؟.
قيل الله عزَّ وجلَّ يكره الشيء ويبغضه في ذاته، ولا ينافي ذلك إرادته لغيره، وكونه سبباً إلى ما هو أحب إليه من غيره.
فقد خلق الله جل جلاله إبليس، الذي هو مادة لفساد الأديان والأعمال،