فيطيعه الأبرار، ويعصيه الفجار.
والأمران غير متلازمين، فقد يقضي ويقدر ما لا يأمر به ولا شرعه، وقد يشرع سبحانه ويأمر بما لا يقضيه ولا يقدره، ويجتمع الأمران فيما وقع من طاعات عباده وإيمانهم، وينتفى الأمران عما لم يقع من المعاصي والفسق والكفر.
وينفرد القضاء الديني والحكم الشرعي فيما أمر به وشرعه ولم يفعله المأمور، وينفرد الحكم الكوني فيما وقع من المعاصي.
والقضاء في كتاب الله نوعان:
أحدها: كوني قدري كقوله سبحانه: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)} [سبأ: 14].
الثاني: ديني شرعي كقوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].
والله تبارك وتعالى خلق الإنسان وخلق صفاته وأفعاله، ويسر هذا لليسرى ويسر هذا للعسرى، وذلك بحسب ما يعمله العبد من الطاعات والمعاصي كما قال سبحانه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الليل: 5 - 10].
فالتيسير لليسرى يكون بثلاثة أمور:
أحدها: إعطاء العبد ما أمر به، وسمحت به طبيعته بإعطائه من نفسه الإيمان والطاعة، والإخلاص والتوبة، والحمد والشكر، وإعطاؤه الإحسان والنفع بماله وبدنه.
فالنفس المطيعة هي النافعة المحسنة التي طبعها الإحسان لنفسها ولغيرها.
فهي بمنزلة العين التي يشرب الناس منها، ويسقون زروعهم ودوابهم منها، فهي ميسرة لذلك.
وهكذا الإنسان المبارك ميسر للنفع حيث حل، فجزاء هذا أن ييسره الله لليسرى