الثالثة: الترف: وهو فوق التبذير، وإذا حصل الترف جاء الفسق كما قال سبحانه: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)} [الإسراء: 16].
الرابعة: الإجرام: فتأتي الجرائم بعد الترف، فحيثما كان الترف كانت الجرائم كما قال سبحانه: {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116)} [هود: 116].
الخامسة: العقوبة والتدمير:
فرداً كان المسرف المبذر كقارون كما قال سبحانه: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81)} [القصص: 81].
أو تكون العقوبة جماعية، إذا كانت المعصية اجتماعية، كما أغرق الله الطاغية المستكبر فرعون وجنوده في اليم، حينما قال أنا ربكم الأعلى فأطاعوه: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40)} [القصص: 40].
والأسباب التي أمر الله بها نوعان:
الأول: أسباب دنيوية كالأكل والشرب، والنكاح واللباس، والسكن والمركب والأشياء والأموال ونحوها.
الثاني: أسباب أخروية كالإيمان، والعبادات، والأعمال الصالحة، والدعوةإلى الله، والجهاد في سبيله ونحو ذلك.
ونحن مأمورون أن نأخذ من الأسباب الدنيوية ما أحل الله لنا بقدر الحاجة والبقاء، ونأخذ من الأسباب الأخروية التي تقرب إلى الله ما استطعنا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ} [التغابن: 16].
والأسباب والنعم والجوارح إذا لم يدخلها الدين تكون سبباً للبعد عن الله، ونزول العقوبات.
والله عزَّ وجلَّ قد جعل لكل حق حداً، من تجاوزه خرج من الحق إلى الباطل.