أسماؤه من الحسن، وصفاته من الكمال، وأفعاله من الحكم والغايات المقتضية لحمده، المطابقة لحكمه، الموافقة لمحابه.
فإنه سبحانه كامل الذات والأسماء والصفات، فلا يصدر عنه إلا كل فعل كريم مطابق للحكمة، موجب للحمد، يترتب عليه من محابه ما فعل لأجله.
والله سبحانه فعال لما يريد، وله المشيئة النافذة، والحكمة البالغة، وجميع الأسباب والأشياء التي نصبها الله هي مظهر حكمته وحمده، وجماله وجلاله، وهي مقتضية لمسبباتها.
ولكنه سبحانه فقد يخرق العادة، ويعطلها أحياناً، إذا كان فيه مصلحة راجحة لإظهار قدرته، ونصر أوليائه، وقهر أعدائه، كما عطل سبحانه النار عن الإحراق نصرة لرسوله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وجعلها برداً وسلاماً عليه كما قال سبحانه: {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)} [الأنبياء: 69].
لما في ذلك من المصالح العظيمة، وإلا فطبيعة النار التي خلقها الله عليها الحرارة والإحراق.
وكذلك تعطيل الماء من إغراق موسى وقومه، وعما خلق عليه من الإسالة، لما فيه من الآيات الباهرة، والمصالح العظيمة، والحكمة التامة.
فهكذا سائر أفعاله سبحانه.
وقد أشهد الله عباده أنه مسبب الأسباب، وأن الأسباب خلقه، وأنه يملك تعطيلها عن آثارها، وأن كونها كذلك لم يكن من ذاتها وأنفسها، بل هو سبحانه الذي جعلها كذلك، وأنه إذا شاء أن يسلبها آثارها سلبها، لأنه على كل شيء قدير، ويفعل في ملكه وخلقه ما يشاء.
وإذا ابتلى الله عبده بشيء من أنواع البلايا والمحن، فإن رده ذلك الابتلاء والمحن إلى ربه وجمعه عليه وطرحه ببابه فهو علامة سعادته وإرادة الخير به.
والشدة بتراء لا دوام لها وإن طالت، فتقلع عنه حين تقلع، وقد عوض عنها أجل عوض وأفضله، وهو رجوعه إلى ربه بعد أن كان شارداً عنه، وإقباله عليه بعد أن