قسم سبحانه رزق كل مخلوق:
من حيث الكمية والنوعية .. ومن حيث الزمان والمكان.
فقدر سبحانه رزق كل مخلوق فلا يزيد .. وقدر نوع الأرزاق فلا تتغير .. وقدر وقت الأرزاق فلا تتقدم ولا تتأخر .. وقدر مكان الأرزاق فلا تتغير، فمن قطع له رزقه في بلد لم يأخذه إلا من ذلك البلد.
والرزق يطلب الإنسان كما يطلبه أجله، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، وأثرها وعملها.
ولا بد لكل مخلوق من الرزق، وقد تكفل الله بأرزاق الخلق كلهم، وكل ما يتناول الإنسان من الحلال والحرام دال في هذا الرزق.
فالكفار قد يرزقون بأسباب محرمة، ويرزقون رزقاً حسناً، وقد لا يرزقون إلا بتكلف.
والمؤمنون يرزقهم الله بالأسباب المشروعة، ويرزقهم من حيث لا يحتسبون، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3].
ولا يكون رزقهم بالأسباب المحرمة، ولا يكون خبيثاً، والله يرزق المؤمن ما يحتاج إليه، ويحميه من فضول الدنيا، رحمة به وإحساناً إليه، وصيانة له.
والغنى والفقر ليس دليلاً على إكرام الله للعبيد .. فقد يوسع الله الرزق على العبد إملاًْ واستدراجاً .. وقد يقدر عليه رزقه حماية له وصيانة .. وقد يضيق الله على بعض المؤمنين لما لهم من الذنوب .. فيحرم الرزق بالذنب الذي يصيبه .. فالطاعات سبب للرزق والراحة .. والمعاصي سبب للحرمان والمصائب.
والإنسان ماكينة الأعمال، كالشجرة ماكينة الثمار، خلقه الله متفكراً عاملاً.
فإن اجتهد على الأموال والأشياء والمشاهدات تخدر قلبه عن الغيبيات، وثقلت عليه الطاعات، فارتكب المحرمات، وترك الطاعات، واشتغل بما قسم الله له، عن ما وعده الله به، وهو الجنة فلم يعمل لها.