وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)} [البقرة: 126].
ولما كان مقصود ذوي الألباب لقاء الله تعالى في دار الثواب، ولا طريق للوصول إلى ذلك إلا بالعلم والعمل، ولا تمكن المواظبة عليهما إلا بسلامة البدن، ولا تصفو سلامة البدن إلا بالأطعمة والأقوات، والتناول منها بقدر الحاجة، ومن هنا كان الأكل من الدين كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)} [المؤمنون: 51].
فيأكل المرء مقتصداً بسنة، ولا يسترسل في الأكل استرسال البهائم في المراعي.
لقد أكرم الله الإنسان من بين سائر المخلوقات، وشرف المسلم وأكرمه بالدين على سائر البشر، وسخر له ما في السموات وما في الأرض، وأنعم عليه بنعم لا تعد ولا تحصى، وأباح له جميع الطيبات، وحرم عليه الخبائث، وخلقه، وهداه، واشتراه، وأكرمه بمنهج يسير عليه، وهداه الطريق الموصل إليه، وله بعد موته الجنة والرضا من ربه، فله الحمد والمنَّة على نعمه الظاهرة والباطنة، وعلى إحسانه في الدنيا والآخرة: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)} [لقمان: 20].
وكل ما عند أهل السماء من النعم .. وكل ما عند أهل الأرض من النعم .. وكل ما في الجنات من النعم .. كل ذلك بالنسبة لما في خزائن الله من النعم كقطرة من بحر .. أو ذرة من جبل.
قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر: 21].
وقال سبحانه في الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُونِي، فَأعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْألَتَهُ، مَا نَقَصَ