وشكر المال ألا تنفقه في غير رضاه ومحبته وطاعته.
وكلما كملت للعبد معرفة الله، ومعرفة آلائه ونعمه، ازداد شكر العبد وثناؤه على ربه، فقد قام النبي - صلى الله عليه وسلم - الليل حتى تورمت قدماه، فقيل له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: «أفَلا أكُونُ عَبْداً شَكُوراً» متفق عليه [1].
وكل ما خلقه الله عزَّ وجلَّ فيه إحسان إلى عباده يشكر عليه، وله فيه حكمة تعود إليه، يستحق أن يحمد عليها لذاته، وجميع المخلوقات فيها إحسان وإنعام على عباده، تحصل بها هدايتهم، وتدل على وحدانيته، وصدق أنبيائه.
ونعمة السراء والضراء تحتاج مع الشكر إلى الصبر، أما الضراء فظاهر، وأما نعمة السراء فتحتاج إلى الصبر على الطاعة فيها، لكن لما كان في السراء اللذة وفي الضراء الألم اشتهر ذكر الشكر في السراء، والصبر في الضراء، والله منعم بهذا كله، وإن كان لا يظهر ابتداء لأكثر الناس، فالله يعلم وأنتم لا تعلمون.
وذنوب الإنسان من نفسه، ومع هذا فهي مع حسن العاقبة نعمة، وهي نعمة على غيره لما يحصل بها من الاعتبار: {وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)} [البقرة: 216].
والله تبارك وتعالى ذو فضل على العالمين:
بين سبحانه بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمر الله به .. وجميع ما نهى الله عنه .. وجميع ما أحله .. وجميع ما حرمه .. وجميع ما عفا عنه .. وجميع ما يحب .. وجميع ما يكره .. وجميع ما يرضيه .. وجميع ما يسخطه.
وبهذا كان دينه كاملاً، ونعمته تامة كما قال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
وسعادة الإنسان في الدنيا مبنية على ثلاثة أركان:
الإيمان بالله .. والاتباع لرسول الله .. والعافية. [1] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4836) واللفظ له، ومسلم برقم (2819).