وأوامر الله عزَّ وجلَّ كلها رحمة وإحسان، وشفاء ودواء، وغذاء للقلوب، وزينة للظاهر والباطن، وحياة للقلب والبدن.
وكم في ضمنها من مسرة وفرحة، ولذة وبهجة.
فما يسميه بعض الناس تكاليف إنما هو قرة للعيون .. وبهجة للنفوس .. وحياة للقلوب .. وإحسان تام إلى النوع الإنساني .. أعظم من إحسانه إليه بالصحة والعافية، والطعام والشراب.
فنعمته سبحانه على عباده بإرسال الرسل إليهم، وإنزال الكتب عليهم، وتعريفهم بأمره ونهيه، وما يحبه وما يبغضه، أعظم النعم وأجلها وأعلاها وأفضلها.
بل لا نسية لرحمتهم بالشمس والقمر، والغيث والنبات، والطعام والشراب، إلى رحمتهم بالعلم والإيمان، والشرائع، ومعرفة الحلال والحرام.
ولولا ذلك لكان الناس بمنزلة البهائم يتهارجون في الطرقات، ويتسافدون تسافد الحيوانات بين الملأ، لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، ولا يمتنعون من قبيح، ولا يهتدون إلى رشد.
فاللهم لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً، ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد.
والأمكنة والأزمنة التي خفيت فيها آثار النبوة أو ضعفت ساد فيها الجهل والظلم، والكفر والشرك، وعمت فيها المنكرات والقبائح والفواحش.
فالإسلام غذاء للأصحاء، وشفاء للمرضى، وعافية للقلوب، وزينة للجوارح: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران: 85].
والفرق بين النعمة والفتنة، أن على الإنسان أن يفرق بين النعمة التي يرى بها الإحسان واللطف، ويعان بها على تحصيل سعادته الأبدية، وبين النعمة التي يرى به الاستدراج إلى العقوبة والعذاب.