وسُمِّيت هذه السورة الجليلة بـ (أم القرآن)؛ لأنها شملت كل أنواع التوحيد الثلاثة: من ((معرفة الذات، والصفات، والأفعال، وإثبات الشرع، والقدر، والمعاد، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية، والتوكل، والتفويض)) [1]، واشتملت كذلك على ((أنفع الدعاء، وأعظمه، وأحكمه)) [2]، وهو طلب الهداية التي هي أصل السعادة والفلاح في الدارين.
قول تعالى: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}: ((الجار والمجرور متعلق بمحذوف؛ وهذا المحذوف يُقَدَّر فعلاً متأخِّراً مناسباً؛ فإذا قلت: ((باسم اللَّه))، وأنت تريد أن تأكل، تقدر الفعل: ((باسم اللَّه آكل))
قلنا: إنه يجب أن يكون متعلقاً بمحذوف؛ لأن الجار والمجرور معمولان؛ ولا بد لكل معمول من عامل. وقدرناه متأخراً لفائدتين:
الفائدة الأولى: التبرُّك بتقديم اسم اللَّه - عز وجل -.
والفائدة الثانية: الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر، كأنك تقول: لا آكل باسم أحد متبركاً به، ومستعيناً به، إلا باسم اللَّه - عز وجل - ... )) [3]. ((أي: أبتدئ بكل اسم للَّه تعالى؛ لأنّ لفظ (اسم) مفرد [1] الضوء المنير على التفسير لابن القيم، 1/ 23. [2] مجموع الفتاوى، 14/ 320. [3] شرح سورة الفاتحة للعلامة ابن عثيمين رحمه الله، 1/ 4.