الأدب وكمال الطلب.
وكأني بحاله يقول: يا ربي، إني لما أنزلت إليَّ من فضلك وغناك وخيرك فقير إلى أن تغنيني بك عمن سواك.
((وهذا سؤال منه بحاله، والسؤال بالحال أبلغ من السؤال بلسان المقال)) [1].
((فإن اللَّه تعالى كما يحب من الداعي أن يتوسل إليه بأسمائه، وصفاته، ونعمه العامة والخاصة، فإنه يحب منه أن يتوسّل إليه بضعفه، وعجزه، وفقره، وعدم قدرته على تحصيل مصالحه، ودفع الأضرار عن نفسه، لما في ذلك من إظهار التضرع والمسكنة، والافتقار للَّه - عز وجل - الذي هو حقيقة كل عبد)) [2].
فقد تضمّن كتاب ربنا أنواعاً في كيفية الطلب والدعاء، فتارة يكون الدعاء بصيغة الطلب: {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [3].
وتارة يكون بصيغة الخبر المتضمن للطلب مثل هذا الدعاء، وكدعاء زكريا: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [4]. [1] تفسير ابن سعدي، 6/ 16. [2] تفسير اللطيف المنان، ص 132. [3] سورة المؤمنون، الآية: 118. [4] سورة مريم، الآية: 4.