كل صلاة)) [1]، ويقول - رضي الله عنه - ((إنه من دعائي الذي لا أكاد أن أدع)) [2]، أي هذا الدعاء، وهذا يدل على كمال همّته، وشدّة حرصه لمطلوبه، وسبب هذا الدعاء، أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد وهو مع أبي بكر وعمر، وإذا ابن مسعود يصلي، وإذا هو يقرأ (النساء)، فانتهى إلى رأس المائة، فجعل ابن مسعود يدعو وهو قائم يصلي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اسأل تعطه، اسأل تعطه)) [3].
قوله: ((اللَّهم إني أسألك إيماناً لا يرتد)): أي أسألك يا اللَّه إيماناً ثابتاً قوياً، لا شكّ فيه، ولا تردّد، وأن تعصمني من الوقوع إلى الردّة وهي الكفر، وهذا أعظم مطلوب في الدنيا؛ لأنه أفضل الأعمال عند اللَّه تعالى، فعن عبد اللَّه بن حُبشي الخثعمي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل: أي العمل أفضل؟ قال ((إِيمَانٌ لَا شَكَّ فِيهِ)) [4].
قدم دعاءه في سؤال اللَّه تعالى الإيمان الثابت قبل سؤاله أعلى الجنان؛ لأنها لا تنال هذه المنزلة العلية إلا بالإيمان الكامل.
قوله: ((ونعيماً لا ينفد)): أي نعيماً دائماً لا ينتهي، ولا ينقص، ولا [1] تاريخ ابن عساكر، 33/ 96، وبنحوه أحمد، 7/ 359، برقم 4340. [2] صححه لغيره الأرناؤوط في تعليقه على مسند أحمد، 6/ 178، برقم 3662. [3] مسند أحمد، 7/ 359، برقم 4340، ومسند ابن راهويه، 1/ 84، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة، 5/ 379، برقم 2301، وصححه بشواهده الأرناؤوط في تعليقه على المسند، 7/ 359. [4] النسائي، كتاب الزكاة، جهد المقل، برقم 2526، والسنن الكبرى له، 2/ 31، برقم 2317، وأحمد، 24/ 122، برقم 15401، والبيهقي، 3/ 9، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 1504، وفي صحيح الترغيب والترهيب، برقم 1318.