المداومة على الفعل، والاستمرارية عليه.
فبدأ بأولى المطالب وأجلّها, الذي عليها الفلاح في الدارين الهداية: ((اللَّهم اهدني)): سأل اللَّه تبارك وتعالى الهداية التامة النافعة, الجامعة لعلم العبد بالحق, والسير عليه, فإن أصل الهداية كما سبق: الدلالة, وهي نوعان: هداية دلالة وإرشاد، وهي معرفة الحق، والعلم به, وهداية توفيق وسداد وثبات, وهذه الهداية لا يملكها إلا هو - عز وجل - , فينبغي للعبد حين يسأل اللَّه - جل جلاله - الهداية أن يستحضر هاتين الدلالتين التي تجمع بين: العلم, والعمل.
قوله: ((فيمن هديت)): فيه فوائد:
أولاً: أن يدخله في جملة المهديين وزمرتهم، وهم كما قال اللَّه تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [1].
ثانياً: أن فيه توسلاً إليه بإحسانه وإنعامه, وهو من التوسّلات
الجليلة المقتضية للإجابة كما سبق في توسّل زكريا - عليه السلام -: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [2] أي: يا رب قد هديت من عبادك بشراً كثيراً فضلاً منك وإحساناً, فأنعم عليَّ بالهداية كما أنعمت عليهم.
ثالثاً: أن ما حصل لأولئك من الهدى لم يكن منهم، ولا بأنفسهم, وإنما كان منك، فأنت الذي هديتهم. [1] سورة النساء، الآية: 69. [2] سورة مريم، الآية: 4.