ناحية تذكير الناس بربهم، ولجوئهم إليه, كما قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [1] , [2]، فظاهر هذه الأمور, من المصائب شر, ولكنها في حقيقة الأمر خير من وجه آخر, وينبغي أن يعلم أن اللَّه تبارك وتعالى لا يخلق شراً محضاً لا خير فيه البتة, فكل شر مهما عظم وكبر، فلابد فيه من الخير، فالشر واقع في بعض مخلوقاته, لا في خلقه, ولا في فعله, ولا في صفاته, وهذا من كمال الرب عز شأنه, ((وهذا الدعاء يتضمّن سؤال اللَّه تعالى الوقاية، من الشرور, والسلامة من الآفات, والحفظ من البلايا والفتن)) [3].
قوله: ((قني)): توسّل بصفة من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيئته وحكمته.
قوله: ((إنك تقضي)): فيه التوسل إلى اللَّه - عز وجل - بأنه يقضي على شيء؛ لأن له الحكم التام، والمشيئة النافذة، والقدرة الشاملة، فهو - سبحانه وتعالى - يقضي في عباده بما يشاء، ويحكم فيهم بما يريد، لا رادَّ
لحكمه، ولا معقِّب لقضائه، والقضاء هنا يعمُّ القضاء الشرعي، وهي أحكامه الشرعية، وقضاؤه الكوني: وهي أقداره التي قدرها لمن في السموات والأرض من مخلوقاته.
قوله: ((إنك تقضي)): وقع كالتعليل لسؤال ما قبله، أي: لا يعطي تلك الأمور المهمة إلا من كملت فيه حقائق القدرة، ولم يوجد منها [1] سورة الروم، الآية: 41. [2] انظر: المصادر السابقة مع التصرف. [3] فقه الأدعية، 3/ 177 - 178.